رحمة بعقول تملكونها ، في مقال نُشر في الحادي عشر من الشهر الحالي بصحيفة الجارديان البريطانية قال تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل العالمية : ” إنَّ الأخبار الكاذبة تقتل عقول الناس ، وإن الشركات كشركة أبل تحتاج إلى ابتكار أدوات لإيقاف انتشار الأكاذيب والأخبار الزائفة وذلك دون المساس بحرية التعبير ” فبالنظر والتمعن في كلمة تيم نجد أن للأخبار الكاذبة مردود على كافة الأصعدة سواء على الصعيد المؤسسي أو الصعيد المجتمعي أو الأسري والفردي بشكل مبسط.
فعلى المستوى المؤسسي نجد أن حُكام المؤسسات الذين ينشرون أكاذيب عن فئة أو موضوع ما ليشغلوا بها مرؤوسيهم عن قضايا أخرى فهؤلاء إن نصبوا أمام اعينهم فئة كتلك المسماة طبقة الحُكماء والمثقفين لديهم فحتما سيكون لهم رصيد وسينفذ بما فيها أتباع هؤلاء الحُكماء ناهيك عن المصداقية والتأييد على مستوى تلك المنظمة أو المؤسسة وأيضاً على المستوى الإقليمي وحتما الكذب لا يستمر وحتماً ستنبت شجرته ثمارها العفنة أما الصدق فهو ما يُرسخ في الأرض حتى وإن كانت ثمارها تنضج بعد مائة عام.
وعلى الصعيد المُجتمعي نرى أن أحقر المُجتمعات تلك التي لا تجد فيها حكيماً ولا عالماً ولا مُنتجاً فهؤلاء دوماً ما يفرون من الأرض التي تُحقر فيها تجارتهم ويذهبون إلى من يُقدسها ويعمل بها وكان أنبياء الله عليهم جميعاً وعلى نبينا الصلاة والسلام خير مثال على حديثي هذا فهجرتهم كانت من أرض تفشت فيها الأخبار الكاذبة عن حقيقة الكون وإحكام العقل فهاجروا وجلسوا في أرض لا تبث فيها أخبار كتلك ولهذا أتت ثمارها على مر التاريخ حتى زماننا هذا.
والحديث على الصعيد الفردي وهو مقياسك لذاتك أمام نفسك يتشعب بنا إلى أمور عدة منها الأب الذي يبث في عقل ابنه أفكاراً كاذبة وأخبار زائفة ومردودها على علاقتهم إما بالنفور وعدم الطاعة مُستقبلاً أو تربية الابن على البحث على كُل ما هو زائف وخسرت البشرية فرد ثم أسرة ثم مُجتمع زائف نتيجة فساد في ذلك الأب ، وأيضاً المُعلم الذي يبُث عِلماً على غير دراية بواقعتيه وتطبيقه ويبث أخباراً على هامش منهجه تزرع في نفوس مُريديه كُل ما هو فاسد تجاهه أو يصبحوا نُسخة طبق الأصل من مُعلمهم !
إن الحديث الصادق دليل على رقي باعثيه والحديث الكاذب أرض خصبة لجحافل الديكتاتورية وبلاد الظلم والفساد ومادة رائجة لوضع المجتمع في مصاف الجهلاء والمتخلفين مما ينتج أفراداً يُحاربون الحكماء والعقلاء والصادقين .. فرجاءً يا سادة : رحمة بعقول من هُم دونكم تملكونها.
مُحمد عُليمي
13 فبراير 2017
لمتابعة المزيد يمكنكم متابعة صفحتنا على الفيسبوك مهذبون