تخفف من أصنامك
تخفف من أصنامك

تخفف من أصنامك …الحياة التقليلية كتبت سارة عبد اللطيف

مقالات

تخفف من أصنامك …. الحياة التقليلية .. كتبت سارة عبد اللطيف

تخفف من أصنامك .. في وقت ما سيتشوش عقلك ، ويخنقك الزحام والوجوه الكثيرة والأسئلة المتلاحقة والآراء المفترضة والفرضيات والوجاهات والواجبات الاجتماعية والأحاديث المستهلكة والضوضاء والزحام ، ستخنقك كثرة الناس حولك في ( بيئتك ، عملك ) ومن تدخلاتهم وأسئلتهم ونظراتهم . وستدرك أن النفايات لاتقتصر على علب فارغة أو ملابس بالية أو طعام فاسد، بل هناك نفايات تتكون من كلمات فارغة ومشاعر بالية وفكر فاسد . هل انتابك الشعور بالخوف عند اقترابك من الأشخاص الفارغين المدللين ، أصحاب المظاهر الاجتماعية والحفلات ، كثيري الثرثرة والضجيج ، ستشعر وقتها أنه ليس هناك بينك وبينهم أي لغة مشتركة .

تخفف من أصنامك .. في رتم الحياة السريع هذه ستشعر أنك لست الشخص الذي كنت تخطط لبناءه؟ من أنت؟ وإلى أين تذهب؟ هل هذا ماتتمناه؟ هل هذا ماتريد تحقيقه ، وستسأل نفسك ماذا تريد أن تفعل؟ مالذي تريد تغييره؟ لماذا انصاع لما هو مفروضاً علي دون أن أناقشه ؟ لماذا علي أن اعمل كثيراً وطوال العمر لتأمين الحياة؟ سينتابك شعور بالخزي إن حاولت الاستمرار أكثر في هذا الوضع.

ومن هنا يفقد الإنسان توازنه كلما سقط في فخ الاستهلاك ، وليس المقصود هنا بالاستهلاك استهلاك منتج مادي أو نحوه ، وإنما استهلاك في كل شئ ( استهلاك منتج ، استهلاك مشاعر ، استهلاك طعام أو شراب ، استهلاك عادة …الخ) كلها تحت نطاق مفهوم الاستهلاك وهذا يسمى سوء استهلاك. وهناك عبارة لافتة للمحلل البارز لسلوك المبيعات ” فيكتور ليبو” : اعتبر فيها الاستهلاك في العصر الحديث بمثابة “دين جديد” ولهذا الدين معابد وطقوس ، المعابد هي مراكز التسوق والطقوس هي التسوق والاستهلاك ، والشرط الذي لابد منه لهذا الدين الحديث هو الاستهلاك . وكلمة “كفى” هي ارتداد لهذا الدين ، لأن ثقافة الاستهلاك ستُغريك عن التفكير بهذه الكلمة والسقوط في دوامة الاستهلاك على الدوام.

وستشعر بأن الممارسات اليومية للحياة التي تعيشها مفروضة عليك بطريقة ما بسبب العادات والتقاليد التي فرضها المجتمع حولك، وبأنك لست حُراً بما فيه الكفاية ، وعندما تفكر في طريقة لتغيير هذه الحياة ، ستجد أنه ليس من السهل فعل ذلك ، لكن في المقابل هناك من فعلها واتخذ الخطوة لتغيير حياته. 

والحقيقة أن القضية تتركز على ألا اسعى لشراء رغماً عن ما أحتاج إليه والإكتفاء بالمتاح ، وأن الأساس بالإكتفاء هو الشعور بالسعادة والسكينة والتفكير بشكل أكثر إبداعاً وتطوراً . لأنه علمياً كلما كنت محاطاً بأشياء حولك ( أدوات ، ملابس ، أثاث ، أجهزة ، مقتنيات ، كراكيب …الخ) كلما قلت نسبة تركيزك على ماهو أهم وهو التفكير بالسعادة والإبداع والاستمتاع بالوقت والمتاح لما هو موجود أصلاً. وستستمتع بالأشياء التي حولك التي لم تكن تستمتع بها من قبل. وهذا لن يحدث إلا إذا تخلصت من النفايات والمقتنيات حولك.

هناك أشياء كثيرة في منزلنا وخزائننا عندما نسأل أنفسنا لماذا يصلح هذا؟ أو ماالوظيفة التي يؤديها ؟ أو هل استخدم هذا الشئ؟ أو منذ متى وأنا لم استخدم هذا؟ الحقيقة لا أجد جواباً شافياً ، فهناك الكثير من الملابس والمقتنيات والأدوات التي يحتاج تنظيفها إلى جهد ، ونقلها جهد ، وأخذها إلى مكان أخر جهد أيضاً.

فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يستطيع إدراك جماليات هذه الأرض وجماليات الكائنات كلها ، ونحن نُهدر أعمارنا في هذه الدنيا لاهثين وراء أمور آخرى دون استخدام كل مانمتلك من قدرات ، وكما قال “فرانس كافكا” : خجلت من نفسي عندما أدركت أن الحياة حفلة تنكرية ، وأنا حضرتها بوجهي الحقيقي.  لذا لاتصغ إلى عروض التسويق والخصومات والبيع والشراء والعروض فهذه كلها أفخاخ ، عندما تضح حداً لهذا الأمر وإلى ماتحتاجه فعلاً ، ستلاحظ في المستقبل وبشكل تلقائي أنك تسير على قاعدة أكثر انتظاماً ووعياً في عملية الشراء والاستهلاك ، ويجب عليك أن يكون لديك تخطيط للميزانية وبرمجتها على النحو الذي تحتاجه وتسير إليه.

وأن الهدف من هذه العروض هو جعلك تنفق كل مابحوزتك من أموال ، وعندما تذكر كلمة الاستهلاك تتسلسل القيم الإنسانية كلها في القائمة ، ستلاحظ أنك تستهلك كل شئ ( تستهلك الدنيا ، ماتنتجه المخلوقات ، القيم ، المشاعر ) لذا عليك أن تخرج من لعب دور المستهلك ، لأنك لم تأتي إلى الدنيا لكي تستهلك وتلهث وراء هذه الأفخاخ.

وكلما كنت مولعاً بأمر ما، وإذا كنت مدمن على أمر ما ، فإن هذه الأمور تجعلك تسقط تحت وطأة الأصنام . وكيف لك أن تشعر بالطمأنينة والسكينة طالما أنك مُحاط بهذه الأصنام والقيود والرغبات التي لاتنتهي.

لقد وهبك الله عقل لكي تُفكر ، تتأمل ، تتدبر ، تنتج لا لكي تلهث وراء القطيع وتستهلك وتسقط في دائرة لاتنتهي إلى أن تموت.

لذا حاول أن تفهم العلاقة بين الرغبة والحاجة ، وهذه الصحوة التي تعصف بذهنك هي استنارة لحياتك ولما هو قادم للأفكار والحياة التي راودتك يوماً ما ولم تستطع تحقيقها من قبل.

وأن الحياة التقليلية البسيطة التي أردتها ليست حرمان كما يتصور البعض ، ولكنها تحرر من القيود والعوائق والرغبات التي تستهلك وتستنفذ منك الكثير بلا فائدة مرجوة.

تخفف من أي شئ يربكك ، من أي شئ يعوقك عن تحقيق أحلامك بالسعادة والإنطلاق والإبداع والتعلم والتأمل حولك. 

وختاماً أن خسارة بعض الأشياء والتخفف من بعضها هي مكسب لصحتك النفسية ، وأن الانعزال والتفرد بنمط الحياة البسيطة والتقليلية هو أجمل أنواع السلام ، كما قال علي بن أبي طالب: “ليس الزهد ألا تملك شيئاً ، ولكن الزُهد ألا يملكك شئ”. اللهم اهدنا سُبل السلام

تخفف من أصنامك تخفف من أصنامك تخفف من أصنامك تخفف من أصنامك تخفف من أصنامك تخفف من أصنامك

للمزيد تابعونا على صفحة مهذبون على الفيسبوك مهذبون

موضوعات مشابهة (أناشيد الإثم)

Comments

comments

عن Waleed

شاهد أيضاً

أرجوكِ عودي

أرجوكِ عودي … قصة قصيرة بقلم زهيرة أرميل

أرجوك عودي بقلم زهيرة أرميل أرجوكِ عودي .. ولدت في البادية كان أول ما أراه …