فلينظر الإنسان إلى طعامه
فلينظر الإنسان إلى طعامه

فلينظر الإنسان إلى طعامه … سارة عبد اللطيف

فلينظر الإنسان إلى طعامه ألم يمر بك قوله تعالى: ” فلينظر الإنسان إلى طعامه” (24) سورة عبس

فكم مرة نظرت إلى طعامك؟ كيف وصل إليك ؟ وكيف جرى في جسمك؟ ألا تتمنى النشاط والوضوح والدقة في فكرك والإتزان في أحكامك؟

ألا تشتهي اللون اللامع في شعرك وعينيك وأسنانك ، ألا يعجبك أن يكون لديك نشاط لايكل ولا يفتر؟

أتريد أن يؤدي قلبك وجهازك الهضمي وظائفهما دائماً على أحسن وجه ولا تضطر للتفكير بها والانتباه لسيرها؟

أتحب أن تكون أعصابك هادئة مسترخية وأنت تستعد للنوم في اللحظة التي تريد أن تنام فيه؟

تأخذنا الآية الكريمة في سورة “عبس” إلى لفت انتباهنا إلى الطعام الذي يدخل أمعاءنا يومياً ، وأن للنظام الغذائي الصحيح المتوازن تأثيراً في العقل مثل تأثيره على الجسد .

إنني لا أشعر بالارتياح من طبيعة القهر التي تسيطر على الطب التقليدي المنتشر حالياً ، وإذا تطلعت إلى أسماء معظم فئات الأدوية المعروفة شعبياً الآن ، لوجدت أنها تبدأ بمقطع “مضاد أو ” ضد” فنحن نستخدم العوامل أو المواد المضادة للتقلصات والتشنجات ، والمضادة للضغط المرتفع والتوتر ، القلق ، ومضادة للاكتئاب والحساسية ، والمضادة لعدم انتظام ضربات القلب والكحة ، ولارتفاع الحرارة وللالتهابات والعديد من المضادات الأخرى . وكلها في الحقيقة “مضادة للطب” ذلك أنها لاتزيد عن مجرد مكونات تعمل بصورة مضادة كاتمة للأمراض دون معالجتها.

قد تسأل ، ومالخطأ في ذلك؟ فلو وصلت “الحمى” إلى مرحلة خطيرة ، أو انعدمت السيطرة على الحساسية ، فإن هذه الأعراض تحتاج حتماً إلى علاج مضاد ، وأقول لك: إنني لا أعترض على استخدام مثل هذا العلاج على أساس الاستفادة به لفترة قصيرة لأي من الحالات الشديدة ، إلا أنني أدركت أنك لو اعتمدت على مثل هذه التدابير كاستراتيجية رئيسية لك في معالجة الأمراض فإنك تخلق بذلك نوعين من المشاكل .

المشكلة الأولى: أنك تُعرض المرضى للمخاطرة ، ذلك لأن الصيدلية تتسم بالقوة وطابعها السام وذلك بحكم تكوينها ، وأنه كثيراً ماتتعادل آثارها الجانبية مع مفعولها.

المشكلة الثانية: أن العلاج المضاد لفترات طويلة قد يعمل بالفعل على تدعيم الحالات المرضية وترسيخها ، وليس على حل إشكالاتها. (أندرو ويل ،2001)

في حين جاءت إسهامات الأطباء العرب والمسلمين العلمية ( أبو قراط ، أبو بكر الرازي ، ابن النفيس ، ابن سينا ، على عباس المجوسي ، الزهراوي) . في استعادة التوازن من الطبيعة ، فقد تبنوا منهجاً علمياً في المعالجة وهو اللجوء إلى المواد الطبيعية غير الضارة بصحة الإنسان ، قبل الالتجاء إلى الأدوية والمواد الكيميائية الغريبة. كما دعا أبو قراط في تعاليمه المشهورة بترك القوة الشافية للطبيعة على القيام بدورها ، فقد أدرك أبو قراط أن الجسم البشري يستطيع أن يحل مشاكله بنفسه ، ولذلك فأنجح وسيلة للعلاج هي ترك الجسم يستمد صحته تلقائياً ، فإذا تعذر الشفاء فلابد من تغيير الظروف التي حدث فيها المرض بأن ينقل المريض إلى بيئة صالحة وأن يقدم إليه طعام صحي . وهناك قاعدة اتبعها العلماء المسلمين قديماً وهي : ” تزويد المريض بغذاء مناسب ووظائف ملائمة” .

ومن هنا اعتبر ” نظام الحياة” أساس العلاج عند العلماء المسلمين قديماً وهو يعتمد إلى حد كبير على الغذاء المتوازن ، الرياضة ، المشي ، القراءة ، التأمل ). (بركات محمد مراد ، 1989)

لذلك تدبر كيف خلق الله طعامك الذي هو قوام حياتك ، هي صحتك في وقت واحد للحاضر والمستقبل ، وأدعوك إلى إصلاح ما أفسدته عبر سنوات عمرك الضائعة من استهلاك الطعام السيء المُصنع ، المجرد من أي روح وفائدة واستبدالها بالأطعمة الغنية بالحياة كما خلقها الله بدون تدخلات البشر ، وابدأ من جديد بالصبر والمثابرة والإصرار والجهد واليقين بأن العادات الغذائية السليمة ستكون مصدر سعادة وحياة وفكر وصحة لك ، لأنها ستحفظ لك حياتك كلها.

وأن أي شخص عاقل يجب أن يفضل صحته على أهواء ذوقه ، ولايقيم للذوق الغذائي وزناً أكثر من حقيقته.

ختاماً يقول رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) في سنن أبي داوود : ” ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَتَسَمَّنُونَ وَيُحِبُّونَ السِّمَنَ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي . قال أهل العلم : المراد أن هؤلاء يعتنون بأسباب السمن من المطاعم والمشارب والترف ، فيكون همهم إصلاح أبدانهم وتسمينها . ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ” إياكم والبطنة في الطعام والشراب ، فإنها مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، تكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيما بينهما ، فإنه أصلح للجسد وأبعد عن السرف ، وإن الله ليبغض الحبر السمين ، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه” .

المراجع

  1. اندروويل ، إم ، دي ، ” الاستشفاء الذاتي” ، ترجمة عبد الكريم العقيل ، الطبعة الثالثة ،2001 ، مكتبة جرير.
  2. بركات محمد مراد ، ” ابن النفيس واتجاهات الطب العربي العلمية” ، 1989، الجزائر.

موضوعات مشابهة (أناشيد الإثم)

للمزيد تابعونا على صفحة مهذبون على الفيسبوك مهذبون

Comments

comments

عن فريق المحتوى - أيمن أمين

مهذبون تعمل لتفعيل الإطار الأخلاقي في كافة جوانب الحياة وتحفيز الرقيب الاخلاقى داخل كل انسان.

شاهد أيضاً

تخفف من أصنامك

تخفف من أصنامك …الحياة التقليلية كتبت سارة عبد اللطيف

مقالات تخفف من أصنامك …. الحياة التقليلية .. كتبت سارة عبد اللطيف تخفف من أصنامك …