الندم بين المأمور به والمنهي عنه
الندم بين المأمور به والمنهي عنه

الندم بين المأمور به والمنهي عنه …. بقلم عبير عياد.. مهذبون … معا نرتقي ….

الندم بين المأمور به والمنهي عنه

الندم .. حديثُك الداخلي مع نفسك، شعورُك بخيبة الأمل واليأس، تعابيرُ وجهك التي تضطرب؛ والتي تنطقُ بالأسى على حالك، رعشةُ يديك -بعد كل خطأ لك- تُثقِلك جداً ويكأنك لا تستطيع التنفس؛ والهواء حولك في كُل مكان! ذلك الوجع القوي؛ و المصحوب بفضفضة بائسة حتى لا تختنق روحك، تلك الهمهمات الغير مفهومة؛ الملأى بشلالاتٍ من الحزن على ما حدث، انحناءة رأسك بانكسارٍ – يحدث شرخًا بداخلك- يكاد يميتك! حزنك إلى تلك الدرجة! والذي يسيطر على كل حياتك؛ بسبب خطأ ما ارتكبته -يُعد خطأً أكبر! ما فائدةُ ندمٍ يورثُ حزناً مُمْرِضاً تكرارُه؛ لا يدفعك إلا للإحباط واليأس؟! فتجدُ نفسك لا تجيد إلا أن تخطيء؛ فتندم؛ فتحزن، ثم تخطئ ثانية! ويتكرر الأمر حتى تيأسَ من نفسك، ثم تقنط من رحمة ربك، ثم تألف الخطأ والمعصية، ظناً منك أنك حاولت ولكن لم تَجنِ شيئًا من تلك المحاولات!! بينما يمكنك أن تتجنب كل هذا العناء حين تنفذ ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : « أتبِّع السَّيئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُها.» سأقص على أسماعِكَ قصًة -قصها عليَّ معلمي قَبلاً- غيرت مجرى حياتي: “كان هناك ثلاثة أصدقاء يتجولون سويَاً، و أثناء حديثهم وقعوا ثلاثتهم؛ بسبب قشر موز مُلقى على الأرض بسبب إهمالٍ ولا مبالاة، وسُرعان ما تصرفوا هكذا: الأولُ قام مسرعًا ينفض الغبار عن ملابسه ناظراً إلى المارّة؛ ليرى هل ينظرون نحوه؟ هل يبدو حالَهُ مضحكًا؟ متجاهلًا ما فيه من ألم! ثم قال متهكماً ساخطاً: كم أنا ساذج! كيف أقع بتلك السهولة؟! أمَّا الثاني فقامَ غاضباً يصرخ بأعلى صوته، راكلاً الموزةَ صائحاً، يسبُ على أهل الشارع؛ لأنهم من رموا الموز وكانوا سبب وقوعه! وأما الثالث فقام بهدوءٍ ونحَّى القشر بعيدًا، وقال لهم متبسماً: فلننتبه لطريقنا”. تلك الموزة هي المشكلة التي وقعنا بها أو الخطأ والمعصية التي ارتكبناها، فالشخص الأول فهو من يهمه فقط رأي الناس فيه ، وكيف سينظرون إليه إن عرفوا بما فعل! و هو من سيجلدُ ذاتَه على أنه أخطأ وسيظلمُ نَفسَه كثيراً، وسيطلق عليها حُكماً، يظلُ بداخِلِه للأبد! فمرةً يقتنع بكونه فاشلًا لا يصلح لشيء، ومرة أخرى يصبح عاصياً لا أمل فيه ولن يتغمده الله برحمته،و حاشاه سبحانه! ومرة سيكون غبيًا لا يعرف كيف ينجو من مشكلاتِه، وهكذا دواليك! كيف يحيا وكل هذه الأحكام تسلسله؟! أما الثاني فهو الساخط الغاضب دائماً، يلومُ كل من حوله على خطئِه ، سيسب المشكلة والخطأ، وسيبحث عن أي مبرر لينفي الخطأ عنه! أنَّى له والتعلم من خطئه وهو دائم السخط والإنكار؟! و أما الأخير فهو ما نود جميعاً أن نكونَ عليه؛ فقد تعامل مع خطئِه ببساطة وهدوء وحكمة؛ فأبعد سبب الخطأ عنه وهو الموز، ثم اعترف بخطئِه، وتعلم منه كيف يتفادى الوقوع فيه ثانية، ثم مضى في طريقه، دون أحكام على نفسه تسلسله أو غضب وسخط وإنكار يأكل روحه! قال تعالى :(وَإِنِّی لَغَفَّارࣱ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ) وقال أيضاً(وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَإِنَّهُۥ یَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتَابࣰا) حين تَتَتَّبع آيات التوبة تجدها دائماً مقرونة بالعمل الصالح ، و شرط التوبة الندم، والإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العودة؛ قال رسول الله( صلى الله عليه وسلم) : «الندمُ توبة.» ومع ذلك لم ينفِ الندم أن تتبع خطأك بعمل صالح. فلماذا إذاً ذلك الحزن الذي يمنعُك عن كل شيء؟! وأنت تظن أنك في الطريق الصحيح! و قد قال معلمي يومًا: “والله اللي يعرف يتوب ميعرفش يفشل”! ثلاثية التوبة تلك تعلمك كيف تتخطى كل شيء، كيف تتعامل مع نفسك بيسر وسهولة، وهدوء وحكمة، كي تخرج من مشكلتك، وتُحسِن بعد خطئك. لا تحاول أن تكون مثالياً لا يخطيء؛ لأن ذلك خطأ بذاته. (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ.) ولا تنسَ أَبداً: (أتبِّع السيِئَة الحَسَنَة تمحُها).

الندم الندم



للمزيد تابعونا على صفحة مهذبون على الفيسبوك مهذبون

موضوعات مشابهة (أناشيد الإثم)



Comments

comments

عن فريق المحتوى - أيمن أمين

مهذبون تعمل لتفعيل الإطار الأخلاقي في كافة جوانب الحياة وتحفيز الرقيب الاخلاقى داخل كل انسان.

شاهد أيضاً

تخفف من أصنامك

تخفف من أصنامك …الحياة التقليلية كتبت سارة عبد اللطيف

مقالات تخفف من أصنامك …. الحياة التقليلية .. كتبت سارة عبد اللطيف تخفف من أصنامك …