الانتصار
الانتصار

الانتصار ……كتبت منى عبد العزيز

في الحياة كثير من المشاعر والأحداث التى نتقلب بينها .. جيئة وذهاباً .. صعوداً وسقوطاً … لكننا فى النهاية وبدرجة كبيرة نبحث عن انتصار ما .. انجاز ما … نكلل به أى جهد نقوم به .. لنشعر ان هذا الجهد ذا قيمة وعائد …لنجعل لسعينا سبب مقنع .. فشعور الانتصار ما هو الا مرفأ مريح نركن له فى نهاية رحلة سعي نحو شيئ ما .. نحو هدف ما .. شعور “نراه” يستحق ما يبذل من أجله من جهد

قد نبذل الجهد بالدراسة أياً كان نوعها فنبحث عن انتصارنا بها بالنجاح وبالعلامات المتقدمة والنسبة العالية .. ونحزن كثيرا إن لم نحصلها .. بعد اداء اى عمل نبحث عن نتيجته فى اجر مقنع ومجزٍ او تقدير على هذا العمل او كل ما سبق ..فالتقدير والاجر اذا ما كان مجزٍ وكاف لنا فهو انتصار لا محالة نشعر معه ان الجهد الذى بذل له مردود

كثير من الامراض الصعبة التي تصيب الانسان ينصح فى أول رحلة العلاج بمراعاة الحالة النفسية للمريض وان يقاوم وان يجعل من مقاومة انهيار الحالة النفسية -والتى يستتبعها بالتأكيد انهيار فى الحالة الصحية- هدف لا بديل له حيث يكون استقرار الحالة النفسية للمريض بل وارتفاعها حجر أساس لا بديل له فى رحلة لانتصار من نوع مختلف .. انتصار على المرض واحباطاته
كثير من العادات القديمة التى قد يتمنى البعض منا الانتصار عليها واخراجها من حياتنا فهم لا يرون فيها إلا مزيد من التعقيد لحياتنا التى بها الكثير من التعقيد بالفعل .. فيسعى البعض لإستبعاد تلك العادات وقد ينتصر .. بينما يحارب آخرون وياللعجب لإبقاءها في معركة مضادة تماماً!

نسعى دوماً لإثبات صوابنا وصواب وجهات نظرنا فى الحياة ..  لإقناع من حولنا أن طريقتنا هي الأفضل وأن خطواتنا هي الأثبت وحين يقتنعون وينتهجون نهجنا نسعد ونعده انتصارا لفلسفتنا الخاصة بالحياة وهناك انتصار قد نحرزه على اعزاء في نقاش ما .. ربما لإثبات وجهة نظرنا او أفكارنا لكنه أحيانا يكون انتصار في غير محله فوجهات النظر والافكار ليست ساحات للحروب والانتصار فيها خاصة ان كان على الاعزاء فهو انتصار ربما يشعرنا ببعض التميز والزهو فى بادئ الأمر ثم ما يلبث ان يتحول الي أمر نرى انه ما كان يجب علينا الصراع من اجله  !! فالنقاش لا يجب ان يكون حلبة صراع وانما جهد يبذل مع الاعزاء للوصول للطريقة الافضل للحياة وكلٌ مرهون بأفكاره في النهاية

وحين يأتي الأمر لمواجهة هوى النفس وشيطانها يصبح الصراع قويا والانتصار ذا قيمة .. حين نقاوم ونبذل الجهد فى إقناع أنفسنا بمواجهة شيطانها والكف عما يؤذينا أو يغضب الله فهو أمر لو تعلمون عظيم ويستحق الجهد بل والجهاد .. فجهاد النفس والإنتصار على هواها وشيطانها شيئ ليس بالهين فالنفس التى تأمرنا بالسوء أحيانا تعرف جيداً مواطن ضعفنا وهوانا الذى نسعى خلفه  ضاربين بمعايير الخطأ والصواب عرض الحائط وهو انتصار على قيم غالية لا يرجى منه اى خير فهو هزيمة حقيقية لقيمنا التى كنا نتبعها وسقطت امام هوى النفس

وليست كل الانتصارات شيئاً نفخر به فأحيانا يحرز أحدنا انتصارا على شخص ضعيف وهو ما أراه سقوطاً لا انتصاراً .. فنزال الضعفاء جبن لأنك تعلم أنه لا قِبل لهم بمواجهتك او التغلب عليك فلا حاجة لك اذن لهذا النصر الهزيل الذى لا يسعى له الا ضعاف النفوس
وأحيانا ما نسعى لهدف يستنفذ كثير من الوقت والجهد كي نبلغه ونحن لا نعلم وربما نتجاهل حقيقة أننا ان تركنا الوقت يمضي فستتحول الأمور كما نتمني لكنه وقت .. وقت فقط .. حينها لابد ان نعلم ان الجهد والمعارك التى نخوضها لبلوغ ذلك الهدف هي تضييع كبير للجهد وسوء تقدير بيٍن منَا

ارى أنه يجب علينا أن نتحرى أى نوع من الإنتصارات هو ما نسعى إليه .. فالإنتصارات الهزيلة التى لا تساوي قيمة السعى الحثيث المبذول فيها لا تستحق ما يبذل فيها احيانا .. كذلك الانتصارات على الضعفاء تعتبر سقوط انساني كبير لا محالة .. كثيرا ما نستطيع الانتصار على الغير بشيئ كبير من الضغط عليهم لكننا نقف عاجزين امام انفسنا فلا نحرز عليها اى انتصار .. ونبقى ضعافا فى مواجهتها وهو ما اراه يستحق التأمل والمحاولة والمثابرة .. ليس عيباً أن نسعى للانتصار .. فقط علينا ان نتأكد أنه حقاً إنتصار .. وانه كان يستحق ما بذلناه في سبيله

Comments

comments

عن Mona Abdelaziz

شاهد أيضاً

أرجوكِ عودي

أرجوكِ عودي … قصة قصيرة بقلم زهيرة أرميل

أرجوك عودي بقلم زهيرة أرميل أرجوكِ عودي .. ولدت في البادية كان أول ما أراه …