أناشيد الإثم
أناشيد الإثم

أناشيد الاثم يكتب أحمد هارون

أناشيد الاثم بقلم أحمد هارون

يوجدُ شيءٌ أصيلٌ في كلِّ علاقةٍ قديمة وإن كانت مُنقطعة، شيءٌ يُشبِه جذر شجرة يضرب في عمق الأرض، وإن كانت على السطح مقطوعة، فبالرعاية والسّقيا تُورِقُ وتكبر وتَخضرّ.

*****


إنَّ من غرائب السلوك الإنساني، أنه هو الذي يصنع لنفسهِ القيود المؤذية، وهو الذي يُقَدِّر بينه وبين الناس المسافاتِ، وهو الذى يخلق الخِلافَ ثم يقدسه!

أكره أصحاب الغِلظة والشراسة، وقد رأيت أُناسًا يتبعون الأعنت بالأعنت، والأغلظ بالأغلظ من كل معاملة. فما يعاملون الناس إلا بمثل ما لاقوه منهم ولو كان شرًا، ولا يبادرون بالسؤال عن الناس إلا لو سبقهم منهم مَوَدَّةً وإحسانًا.. وهؤلاء لا سلف ولا خلف، إنهم أُناس في انتسابهم إلى أصحابهم نظر، وأغلبهم مُعتلّ الضمير والتفكير.
فترى بعض الناس عندما يفكر في صِلة رَحِمِه، أو في السؤال عن أصحابه أول ما يثب إلى ذهنه هو سؤالهم عنه وعلاقتهم به في الآونةِ الأخيرة. وما إذا كانوا يودّونه كما يريد أن يودّهم أم منقطعين، أو غير ذلك.
وليس الواصل بالمكافئ، أو ﻣﻦ ﻳُﻜﺎﻓﺊ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻤﺜﻞ ﻓﻌﻠِﻪ. وإنما الواصل مَن يتفضل على صاحبه ويزيد في الإعطاء على ما يأخذه. أو كما جاء في نَص الحديث الشريف:
ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها“.

وقد رأيت في تجاربي أن الفرق بين معاملة الشكل ومعاملة الموضوع هو قسوة القلب أو رقته.

يقول الإمام محمد الغزالي في كتاب “الحق المر“:
إن القلب القاسي والغرور الغالب هما أدل شيء على غضب الله والبعد عن صراطه المستقيم، ومن السهل أن يرتدي الإنسان لباس الطاعات الظاهرة على كيان ملوث وباطن معيب“.

إن القسوة لا تستطيع أن تدخل قلبك إلا إذا فتحت لها الباب، وإن الرجل منا إذا تملّكت من قلبه القسوة يصبح بائسًا، أكثرَ بؤسٍ من كَلْبٍ يَرْكضُ لِعَظْمِ جِيفةٍ في فَم كَلْبٍ آخر. لذا فإن في ضجيج الخصومة يعسر البحث عن الحقيقة من قلبِ رجلٍ قاسٍ، ولو أمكن الوصول إليها، فإنه يصعب الاقتناع بها.
فيرى الرجل أن كل الأشياء بدت مختلفة لأنه بنى بينه وبين أحدهم جدار. في الاتفاق والاختلاف، الحُبُّ والكُره، حتى الُوُدَّ منه أو له حينئذٍ يكون مُختلفًا!
بعكس رقيقي القلب، الذين تحركهم المشاعر والإيمان ويعاملون الناس بإحسان.

إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف، فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها، و ما تفاضلت إلّا بمواقفها.
فلندرس مواقفنا في الحياة بذكاء، ولنرسم منهاجنا للوصال مع الناس على بصيرة، ثم لنرمِ بصدورنا إلى الأمام، لا تثنينا عقبة، ولا يلوينا توجس، ولنثق بأن الله يحب منا هذا المضاء، لأنه يكره القاسية قلوبهم، ويَمُد يده ليصافح يد مَن استبق قبل أخيه السلام.

أناشيد الاثم أناشيد الاثم أناشيد الاثم أناشيد الاثم

موضوعات مشابهة (أناشيد الإثم)

للمزيد تابعونا على صفحة مهذبون على الفيسبوك مهذبون

 

Comments

comments

عن فريق المحتوى - أيمن أمين

مهذبون تعمل لتفعيل الإطار الأخلاقي في كافة جوانب الحياة وتحفيز الرقيب الاخلاقى داخل كل انسان.

شاهد أيضاً

أرجوكِ عودي

أرجوكِ عودي … قصة قصيرة بقلم زهيرة أرميل

أرجوك عودي بقلم زهيرة أرميل أرجوكِ عودي .. ولدت في البادية كان أول ما أراه …